التفسير
عرض وتفسير
عنتر أحمد حشاد
الموجه العام بوزارة التعليم والمعار لكليتي التربية للمعلمين والمعلمات
الدوحة- قطر
2- سورة البقرة
– 17-
( د ) التفسير
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ. يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ. فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي إلاَّرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ. وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ. اللَّهُ يَسْتَهْزئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ. أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ. مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ. أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ. يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
النفاق والمنافقون:
بعد أن رأينا صفات المتقين وجزاءهم في آيات أربع ( 2-5 ) وصفات الكافرين في آيتين اثنتين ( 6، 7 ) شرعت هذه الآية تحدثنا عن الفريق الثالث: فريق المنافقين: صفاتهم وجزائهم في ثلاثة عشرة آية: من الآية الثامنة إلى الآية العشرين.
وقبل تفسير هذه الآيات الكريمة يجمل بنا أن نقدم بين يدي هذا التفسير كلمة عن النفاق والمنافقين، مما يلقي ضوءًا يساعد في فهم هذه الآيات وتدبرها.
فما معنى النفاق؟ وما أنواعه؟ وخطره على الإسلام والمسلمين؟ ومتى وجد النفاق على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وما سمات المنافقين وصفاتهم؟ وكيف كان خداعهم ومكرهم؟
النفاق: أن يظهر الإنسان غير ما يبطن، والمنافق: من يظهر الإيمان ويخفي الكفر، من يظهر الصداقة ويضمر العداوة، من يقول بلسانه ما ليس في قلبه ( كلمة النفاق مأخوذة من النافقاء، وهي جحر من جحرة اليربوع يكتمها ويظهر غيرها ليخدع الصائد- من المعجم الوسيط بتصرف- ).
وهو نوعان:
1- اعتقادي: يخرج صاحبه من الإيمان، ويجعله شرًا من الكافر، ويخلده في النار، إذ يقول: آمنت باللَّه واليوم الآخر، وما هو بمؤمن، يخالف قوله فعله، وظاهره باطنه، وعلانيته سريرته، ومدخله مخرجه، ومشهده مغيبه.
والنفاق- بهذا المعنى- شر الأخلاق، وجرثومة الفساد لا يعرفه إلا أرباب النوايا الخبيثة، والأغراض الفاسدة، وما ابتلي النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بمثل ما ابتلي بهذا الصنف من الخلق الذي ابتلي اللَّه به الخير والصلاح في كل زمان ومكان: كان الكافر واضحًا في شأنه كله، واضحًا في تكذيبه، واضحًا في عتوه، واضحًا في حربه، فكان اتقاؤه سهلاً ميسورا. أما المنافق فهو سلم في ظاهره، حرب في باطنه، حلو في لسانه، مر في نواياه، مشرق في وجهه، مظلم في طويته، له مع المؤمنين وجه، وله مع الكافرين وجه {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} لا تعرف مسالكه حتى يتقي شره، وليس له خير حتى يرتجي، ولولا أن اللَّه العليم بخفايا النفوس تكفل لنبيه بإكمال الدين، وإتمام النعمة، وكان يكشف له في سبيل ذلك عن النفاق وغشه، ومسالكه وأهدافه، لما استقامت دعوته، ولما تمت رسالته. وها هو ذا القرآن الكريم، لا تكاد تجد سورة من سوره المدنية ( التي نزلت بعد الهجرة بعد ظهور النفاق ) لم تضع العلامة الحمراء على بيوتهم، حتى لقد نزلت فيهم سورة كاملة، عرفت بسورة ( المنافقون ) بين اللَّه فيها خلالهم وسوء نياتهم.
2- نفاق عملي: وهو من أكبر الذنوب، وله كثير من العلامات بينتها أحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وآيات الكتاب الكريم، منها:
(أ) خيانة الأمانة: والأمانة كل ما وكل إلى الإنسان حفظه ورعايته من