الباقوري والدعوة إلى الشرك
بقلم: عبد الفتاح الزهيري
قال فضيلة الشيخ الباقوري في لقائه الديني بالتليفزيون يوم الجمعة 5 شوال 1400 الموافق 15 أغسطس 1980 حديثاً خلاصته أن المسلم إذا دخل ضريح أحد الأولياء الصالحين من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وغلبته عاطفته فطاف حول الضريح أو تمسح به أو قبل الحديد والخشب هل نعتبره مشركاً؟ أبداً، ثم قال إن إحدى المسلمات زارت قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فأرادت أن تضع يدها متبركة على شباك النبي فمنعها أحد الحراس بعصاه، فعادت إلى التبرك فمنعها بعصاه، فعادت إلى التبرك فمنعها بعصاه، فقالت له: إنني ما حضرت هنا لزيارتك وإنما لزيارة المصطفى، وإنني أستجير به من عصاك. ثم يقول الباقوري: أخبرني أحد الأصدقاء وهو من سلالة بيت النبي ? واسمه أحمد خيري أن الحارس أصيب بمرض لازمه حتى الممات بدعوة هذه المسلمة. وانتهى كلامه.
ونقول إن الحراس من عشرات السنين وإلى يومنا هذا يمنعون الجهال من التمسح بالحديد والخشب عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم برفق وحكمة وتوضيح بقولهم: حرام يا حاج حرام.. ادع الله وإذا سألت فاسأل الله. ولم يقل أحد أن هؤلاء الحراس أصابهم مرض أو كارثة أو حادثة لأنهم يغضبون رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا العمل!.
ونقول لفضيلته أن الشيخ حسن مأمون والشيخ شلتوت والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا وكثيرين وغيرهم أفتوا بأن الطواف حول الأضرحة والتمسح بالحديد والخشب وسؤال الأولياء من دون الله شرك، ولا ندري لماذا يصر فضيلة الشيخ الباقوري على أن هذا من غلبة العاطفة وأنه أمر حلال؟ هل هذه من ضمن فتاواه التي أطلقت عليه المجلات الإسلامية (الباقوريات) والتي يجيز في إحداها أن يرى الخاطب مخطوبته عارية؟! أم فضيلته يريد أن يتملق الجماهير ولا يقول كلمة الحق، وكما تملق الحكام من قبل، وعندما زاره الأستاذ الهضيبي رحمه الله ليهنئه بالوزارة قال له: معذرة يا مولاي شهوة نفس. ولا نطيل بسرد عشرات الأحاديث الشريفة في بيان حكم الإسلام في أنه لا يجتمع قبر ومسجد أبداً، وأن دفن الأنبياء والأولياء في المساجد من فعل شرار الخلق وفعل اليهود والنصارى من قبل.
ونورد على سبيل المثال بعض الأحاديث الشريفة:
-قال صلى الله عليه وسلم أنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله (رواه الطبراني).
وفي الصحيح عن ابن عباس في قوله تعالى: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)) [نوح:23]. قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا. ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسى العلم عبدت.
-وفي الصحيح عن عائشة أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال: أولئك قوم إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله.
-وروى مسلم عن جندب بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد. ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
-وروى أحمد عن ابن مسعود مرفوعاً: إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد (رواه أبو حاتم في صحيحه).
-قال صلى الله عليه وسلم : اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد.. اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (رواه مالك في الموطأ).
-بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحذر من ألوان الشرك الأصغر، قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت فقال: أجعلتني لله ندا؟ ! بل ما شاء الله وحده (رواه النسائي) كما حذر من الرياء وطلب السمعة.
-وسار الأئمة الفضلاء على هذا النهج النبوي الحكيم من التحذير من الشرك حتى قال ابن عباس: من الشرك أن تقول لولا الراحلة ما قطعنا الطريق، لولا كلب الحراسة لسرقنا اللصوص! ولكن فضيلة الشيخ الباقوري يجرئ الملايين على اقتحام صور الشرك ويحسبه هينا وهو عند الله عظيم.
عبد الفتاح الزهيري