إن الدين عند الله الإسلام
بقلم بخيت محمد عبد الرحمن الحصري
… إي وربي إنه لحق!!
فالإسلام دين المرسلين والنبيين جميعاً من لدن آدم حتى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم التي بها ختم الله الرسالات.. وقد أكد الله سبحانه وتعالى في القرآن هذا المعنى تأكيداً تاماً فذكر على لسان نوح عليه السلام قوله: ((وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) [يونس: 72] وعلى لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ)) [البقرة: 128] وفي وصية يعقوب عليه السلام لأولاده: ((َ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [البقرة:132] وفي معرض الحديث عن التوراة ((يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا)) [المائدة: 44] وذكر القرآن عن يوسف عليه السلام قوله: ((تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)) [يوسف:101] وعن سحرة فرعون وقد آمنوا بموسى عليه السلام: ((رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)) [الأعراف:126] وعن حواريى عيسى عليه السلام ((ءَامَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)) [المائدة:111] وعن ملكة سبأ وقد آمنت ((وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))[النمل:44] وفي دعاء الرجل الصالح ((وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) [الأحقاف:15].
وقد ورد في الحديث الصحيح (والأنبياء إخوة أبناء علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد) (1) قال تعالى: ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)) [الشورى: 13].
والإسلام في الأصل معناه الاستسلام لله في أمره ونهيه، فمن أسلم وجهه وقلبه لله في كل أمر فهو المسلم، ولما كان النبيون والمرسلون أكثر الناس استسلاماً لله، فقد كانوا بذلك أول المسلمين: ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)) [الأنعام: 162-163].. و.. ((قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)) [الأعراف:143] وبدون تسليم واستسلام لله في حكمه فلا إسلام ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [النساء:65].
والإسلام يطلق على معنيين.. المعنى الأول على نفس النصوص التي يوحي بها الله مبيناً دينه.. والمعنى الثاني: على عمل الإنسان في إيمانه بهذه النصوص واستسلامه لها.
والملاحظ أن الإسلام بالمعنى الأول يختلف سعة وشمولاً من رسول إلى رسول مع اتفاقه في المبادئ والأصول. فالإسلام الذي أُنزل على موسى أوسع مما أُنزل إلى نوح لأن الله سبحانه وتعالى ذكر عن التوراة ((وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ)) [الأعراف: 145]، وإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أوسع من إسلام أي رسول سابق لأن الرسل السابقين جميعاً بعثوا لأقوامهم خاصة والرسول عليه الصلاة والسلام بُعث للناس جميعاً. فاقتضى ذلك أن يكون إسلامه أشمل وأوسع من كل رسالة سابقة. وقد وصف الله الله القرآن بقوله ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)) [النحل:89] وبذلك فقد أكمل الله لنا الدين حيث قال سبحانه وتعالى في محكم آياته: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) [المائدة:3] وقال عليه الصلاة والسلام في حديث أخرجه الشيخان (مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وُضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين).
وبهذا الكمال والتمام أصبحت البشرية كلها مطالبة به فنسخ بذلك كل شرع سابق. ولن يتنزل بعد ذلك شرع لاحق إذ بمحمد صلى الله عليه وسلم ختمت الرسالة ((وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)) [الأحزاب: 40] ((قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)) [الأعراف: 158] ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)) [سبأ:28] ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء:107] ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [آل عمران:85]. ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْ