من أحسن ما قرأت
أوصيك ونفسي
فقرات من وصايا فضيلة الشيخ محمد حامد الفقى
مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية
رحمه اللَّه
– 2-
الحمد لله رب العالمين،وصلى اللَّه وسلم على إمام المهتدين وعلى آله وبعد، فإن كنت تريد فلاح الدنيا والآخرة فأوصيك ونفسي:
1- زك نفسك من قذارة الجهل والهوى والشهوات، وطهر قلبك من حظ الشيطان ونزغاته بتلاوة القرآن حق تلاوته، متدبرًا لآياته فاهمًا لمعانيه ومقاصده، مهتديًا بهداه، فإن اللَّه يقول فيه: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}، {هُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}، {وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}، {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا إلاَّلْبَابِ}.
2- احذر التقليد الأعمى في أي عمل من أعمالك الدينية أوالدنيوية، فإن التقليد الأعمى هو الذي جعل العبادات صورًا آلية ميتة، لا تهذب النفوس، ولا تزكي القلوب، ولا تحي ميت الأرواح، فأغلقت دونها أبواب قبول الرب سبحانه.
فكانت ( لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه ) حروفًا وألفاظًا تلاك باللسان، بلا تعقل ولا فهم ولا معرفة لمقتضاها، فهدمتها العقائد الشركية والأعمال الجاهلية، والتحاكم إلى الطاغوت، والإعراض التام عن كتاب اللَّه وهدي رسوله والتأسى به: باتخاذ مئات الشيوخ والمتبوعين والمقلدين، حتى أصبحوا على شرائع شتى وملل مختلفة، وعادوا مختلفين في الدين مخالفين للدين، فرقوا دينهم وكانوا شيعًا وأحزابًا {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
وكانت الصلاة حركات تقليدية باللسان والجوارح، لا تمس القلب ولا الأعمال ولا الأخلاق، فلم تغسل القلب ولم تزك النفس، ولم تأمر بمعروف ولم تنه عن فاحشة ولا منكر، ولم تدع إلى بر ولا إحسان ولا صلة ما أمر اللَّه به أن يوصل.
وكان الصيام جوعًا وظمأ وتعذيبًا للصائم وشقاء في المبدأ والغاية، فلم يتعلم الصائم صبرًا، ولم يستفد قوة عزيمة ولا سعة صدر ولا جميل حلم، بما هو عدة النجاح في الحياة بها ويدفع عن نفسه كل ما كره. وهو الذي دعاه اللَّه إليه بالصيام في قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي تكسبون بالمران في الصيام كل أسباب القوة على اتقاء ما تخافون في الدنيا والآخرة، لكن الصيام التقليدي لا يكسب شيئًا من ذلك، فلم ينه عن قول الزور والعمل به، بل دعا أكثر الصائمين إلى شغل أوقات الصيام باللهو والخمول والكسل والتعطل، والفسوق والعصيان باسم تسلية رمضان.
وكانت الصدقات مغرمًا، لا يبذل قرشًا إلا رياء وسمعة، أو تقربًا وزلفى لمخلوق يرجوه ويخافه.
وكان ذكر اللَّه سخرية ولعبًا ورقصًا وزمرًا، وكان القضاء والحكم ظلمًا وعبثا، وكانت الزوجة شقاء ونكدا، والأخوة عداوة وبغيًا وحسدا. كل ذلك وغيره نتيجة التقليد الأعمى في الدين.
أما التقليد الأعمى في بقية الأعمال: فمحا شخصيتك وأفناها في غيرك، حتى كنت في كل ما تتناول من شئونك طفلاً أخرق، لا تزال تشعر بحاجتك إلى من يسندك ويأخذ بيدك ويرفعك، ثم يسوقك ويدفعك، فتضيع عليك بذلك أكثر فرص الحياة إن لم تضع عليك كلها، فتعيش دائمًا كئيبًا حزينًا.
ومن النتائج الوخيمة لهذا التقليد الأعمى: أنك أخذت فسوق أوربا الكافرة مؤمنًا بها، حتى غشتك في بيتك ومسجدك وعملك وخلقك، وأخيرًا تغلبت على دينك، فمحت وجودك الشرقي العربي الإسلامي، وأصبحت بها رجلاً في ريبك، طفلاً في تفكيرك وعقلك وعملك، تعتقد أنك بأشد الحاجة إلى من يحضنك ويكفلك، فتلقتك يد العدو، زاعمة لك- لطفولتك وسفاهتك- أنها كفيلة بتربيتك وتعليمك وتهيئتك للحياة. فطوقت عنقك بمخالبها وأنيابها، واعتصرت خيرك لنفسها، واستنفدت قواك وعناصر حياتك كلها، حتى أصبحت لا تستطيع أن تجابه شئون الحياة في شجاعة ولا قوة الإنسان المسلم الذي يمشي سويًا على صراط مستقيم.
محمد حامد الفقى
عن شهر بن حوشب قال: قلت لأم سلمة رضي اللَّه عنها: يا أم المؤمنين ما كان أكثر دعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: ” يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”.
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
فايل 5 مجلد الخامس : الأعداد 5 – 6
12
– 4 –