ألفاظ العبادة واستعمالها
في القرآن الكريم
للأستاذ سيد رزق الطويل
رئيس فرع الجيزة
* قد تناول القرآن الكريم المظاهر المعنوية ، والعملية للعبادة في مواضع كثيرة كما تناول لفظ العبادة في مواضع أكثر .
* ولم أتتبع مظاهر العبادة في القرآن هذه المرة لأن لي لقاءات معها في بحوث تالية إن شاء اللَّه ، باعتبارها من المثل الإسلامية الرفيعة في القرآن .
* أما ألفاظ العبادة باوضاعها الاشتقاقية المختلفة فقد وردت في سبعة وسبعين ومائتى موضع من كتاب اللَّه .
وهذه هي الصور التي جاءت عليها ألفاظ العبادة في القرآن الكريم – الأرقام الموجودة بجوار الكلمات تشير إلى عدد مرات وجودها في القرآن الكريم – : عبد ( 1 )، عبدتم ( 1 ) ، عبدنا ( 1 ) ، عبدناهم ( 1 ) ، تعبد ( 3 ) ، أعبد ( 13 ) ، تعبدوا ( 7 ) ، تعبدون ( 23 ) ، نعبد ( 7 ) ، نعبدهم ( 1 ) ، يعبد ( 8 ) ، يعبدون ( 12 ) ، ليعبدون ( 1 ) ، يعبدوها ( 1 ) ، يعبدوننى ( 1 ) ، يعبدون ( 1 ) ، يعبدوا ( 3 ) ، أعبد ( 3 ) ، فاعبدني ( 1 ) ، فاعبده ( 2 ) ، اعبدوا ( 21 ) ، فاعبدون ( 3 ) ، فاعبدوني ( 1 ) ، اعبدوه ( 6 ) ، عبدت ( 1 ) .
العبد ( 10 ) ، عبدا ( 6 ) ، عبدنا ( 5 ) ، عبده ( 7 ) ، عبدين ( 1 ) ، العباد ( 20 ) ، عبادي ( 4 ) ، عبادا ( 2 ) ، عبادك ( 9 ) ، عبادكم ( 1 ) ، عبادنا ( 12 ) ، عباده ( 34 ) ، عبادي ( 17 ) ، العبيد ( 5 ) ، عابد ( 1 ) ، عابدات ( 1 ) ، عابدون ( 5 ) ، عابدين ( 5 ) ، بعبادة ( 1 ) ، عبادتكم ( 1 ) ، عبادته ( 4 ) ، عبادتهم ( 2 ) ، عبادتي ( 1 ) .
* ولم تستعمل العبادة في هذه المواضع كلها بمعناها اللغوي إلا في موضع واحد سبق أن أشرت إليه وهي قوله تعالى : { عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ } .
* وفيما وراء هذا الموضوع تجد الاستعمال القرآني لألفاظ العبادة يسير في اتجاهات ثلاثة :
( 1 ) في اتجاه العبادة الصحيحة :
وهي التي يتجه بها صاحبها إلى اللَّه وحده ، نابعة من هذه الحقيقة الإسلامية الخالدة : لا إله إلا اللَّه ، أي لا معبود بحق إلا اللَّه .
وفي هذا الإتجاه وردت كلمة العبادة ومشتقاتها في نحو ثمان وخمسين ومائة موضع .
ويغلب على كلمات العبادة في هذا الإتجاه الصور الآتية :
( 2 ) كل عبادة جاءت بصيغة الأمر فهي لله وحده .
ففي مواطن ثلاثة من القرآن أمر النبي بالعبادة الخالصة لله ، منها موضعان في سورة الزمر { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ } ، { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ } ، والموضع الثالث في ختام سورة الحجر { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } .
وفي ثلاثة مواضع أخري أمر النبي بعبادة ربه ، غير أن هذه الآيات عبرت عن الذات العلية بضمير المتكلم في واحد منها مما يدل على عظم شأن المعبود ، وقيمة العبادة الخالصة ، وأحقية المأمور بها بهذا النوع من العبادة . تأمل قوله تعالى : { فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي } ، وبضمير الغائب في الآخرين على نهج أسلوب الالتاف الذي يجدد نشاط المخاطب ذهنيًا نحة العبادة ، أنظر قوله تعالى : { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ؟ } ، ونلمح غي هذه الآية إضافة جديدة تشير إلى ما تطلبه العبادة الراشدة من مصابرة للنفس ، ومجاهدة للهوى ، حتى يتهيأ لها الإخلاص الذي به صلاحها .
وفي مواطن أربعة أمر من اللَّه لعبادة بعبادته منها قوله تعالى : { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } ، وقوله تعالى : { وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } .
وفي سبعة وعشرين موضعًا من كتاب اللَّه دعوة هادئة من رسل اللَّه وأنبيائه ، آمرة الناس بالعبادة الخالصة ، إلا في موضع واحد جاء الأمر فيه بعبادة غير اللَّه ، على سبيل التهديد لمن انحرفوا عن سنن العبادة الصحيحة وذلك قوله تعالى في سورة الزمر { فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ } .
كل عبادة جاءت بصيغة المضارع في حالتي التكلم والخطاب مثل نعبد { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، { نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ } ومثل { أعبد } التي جاءت في ثلاثة عشر موضعًا من كتاب اللَّه كلها على لسان محمد صلى الله عليه وسلم مثل قوله تعالى في سورة الكافرون { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } ، وقوله تعالى في سورة يونس { وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } ، وقوله تعالى فس سورة الزمر : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ؟ } وا عدا موضعا واحدًا لم يأت حديث العبادة فيه على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإنما أتي على لسان الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ليقول كلمة حق يؤازر بها رسل اللَّه إلى القرية التي ساق اللَّه خبرها في سورة يس إذ