أضواء على رواة الحديث
أنس بن مالك
هو أنس بن مالك بن النضر، وكنيته أبو حمزة، يتصل نسبه بابن عدي ابن النجار، قدموه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشر سنين ليخدمه، فأخلص في خدمته، وأحبه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يقل له لشيء فعله لم فعلت؟ ولا لشيء تركه لم تركت. يروي البخاري عن أنس رضي اللَّهُ عنه قوله: ” قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه إن أنسا غلام كيس فليخدمك. قال فخدمته في السفر والحضر ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا، ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا”.
دعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبركة في ماله وولده، فكان له بستان يثمر في العام مرتين، ورأى من ولده لصلبه فوق المائة. يروى مسلم في صحيحه عن أنس قوله: ( قالت أمي يا رسول اللَّه خويدمك(1) ادع اللَّه له، فدعا لي بكل خير، وكان في آخر ما دعا لي به أن قال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه ) ثم يقول- كما جاء في البخاري ( فإني لمن أكثر الأنصار مالا، وحدثتني ابنتي أمينة(2) أنه دفن لصلبي مقدم الحجاج البصرة(3) بضع وعشرون ومائة ). قال ابن قتيبة: ” ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتى رأي كل واحد منهم مائة ذكر من صلبه: أنس بن مالك، وأبو بكرة، وخليفة بن بدر” ودعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدخول الجنة.
شهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثمان غزوات، ولم يذكر في أهل بدر، وقيل لأنه لم يكن في سن من يقاتل.
استعمله أبو بكر على عمالة البحرين بعد أن استشار عمر فقال له عمر: ” إنه فتى لبيب كاتب”.
دخل عليه الزهري، وهو بجامع دمشق يبكي وينكر على الناس أحوالهم ويقول: ” ما عرفت فيكم شيئا مما كان عليه النبي ولا مما كان عليه أصحابه إلا هذه الصلاة، وقد صنعتم فيها ما صنعتم”. لأن الأمويين كانوا يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت ما عدا عمر بن عبد العزيز.
شهد له أبو هريرة فقال: ” ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم” يعني أنسا. وهو ما يقوله فيه ابن سيرين: ” أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر”.
امتحن في إحدى الفتن فآذاه الحجاج، وظن أن له يدًا في الأمر، فانتقل إلى البصرة وبقى فيها، ولم يكن معه في آخر حياته أحد من الصحابة، يروى عنه العلماء وهو يقول: ” خذ عني فلست تجد أوثق مني “.
وتوفي أنس رضي اللَّهُ عنه سنة 93 بعد أن جاوز المائة، وهو آخر الصحابة موتًا بالبصرة. وقال فيه مورق يوم مات: ” ذهب نصف العلم،كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا قلنا له: تعال إلى من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم”.
وروى له 2286 حديثا.
( التوحيد )
الهوامش
(1) خويدم: تصغير خادم. خويدمك: خادمك الصغير.
(1) أمينة: تقرأ بضم الألف وفتح الميم وهي تصغير آمنة.
(1) مقدم الحجاج البصرة أي قبيل مقدمة البصرة.
فايل mg7-2-1
2