آداب الصوم
لرئيس التحريـر
لكل عبادة من العبادات آدابها: للوضوء آدابه، وللصلاة آدابها، ولكل من الزكاة والحج، والاعتكاف آدابها، وكذلك للصوم آدابه.
من هذه الآداب ما تجب مراعاته، ومنه ما يستحب، فيجب على الصائم:
1- أن يجتنب ما يخل بصومه من قول الزور، واللغو والكذب في الحديث، والغيبة والنميمة، وأن يغض النظر عما حرم الله، وأن يبتعد عن المعاصى، وبهذا ينتفع بصومه وتحصل له التقوى التى جعلها الله الحكمة من الصيام بقوله سبحانه: ?يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (آية 183 من سورة البقرة).. فالصوم ليس مجرد إمساك عن الأكل والشرب، وإنما هو إمساك كذلك عن سائر ما نهى الله عنه، فعن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من لم يـدع: يترك، قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه الجماعة إلا مسلماً.. وعنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر” رواه النسائى وابن ماجة والحاكم.. وعنه أيضاً أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ” ليس الصيام من الأكل والشرب، وإنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إنى صائم، إنى صائم” رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم..
ويستحب للصائم مراعاة الآداب الآتية:
1- أن يتسحر، والسحور ( بضم السين ) الأكل وقت السحر، والسحور (بفتح السين ) الطعام المأكول نفسه، كالوضوء ( بضم الواو لغسل ومسح الأعضاء المخصوصة المعروفة والوضوء ( بفتح الواو ) للماء الذى يتوضأ به.. والسُحور: الأكل من منتصف الليل إلى طلوع الفجر، فمن أكل قبل منتصف الليل لا يعد متسحراً ).
وقد أجمعت الأمة على استحبابه، فعن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” تسحروا فإن في السحور بركة” رواه البخارى ومسلم.
وعن المقدام بن معد يكرب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ” عليكم بهذا السحور، فإنه هو الغذاء المبارك” رواه النسائى بسند جيد.
وسبب البركة: أنه يقوى الصائم وينشطه ويهون عليه الصيام.
ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله ولو بجرعة ماء، فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” السحور بركة فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين” رواه أحمد.
2- وأن يؤخر السحور، فعن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية. رواه البخارى ومسلم
وعن عمرو بن ميمون قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطاراً وأبطأهم سحوراً. رواه البيهقى بسند صحيح..
3- تعجيل الفطر متى تأكد للصائم غروب الشمس، فعن سهل بن سعد: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر” رواه البخارى ومسلم.
ويكون الفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد حسا: شرب، حسوات من ماء ويستحب أن يكون المأكول وترا، كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فطره.
يفطر بهذه الكيفية قبل صلاة المغرب، فإذا صلى تناول حاجته من الطعام بعد ذلك، إلا إذا كان الطعام موجوداً بحضرته، ونفسه تشتهيه فإنه يبدأ به، حتى لا يصلى وعنده ما يشغل البال ويخل بالخشوع.
4- الإكثار من الدعاء أثناء الصيام، وعند الفطر وقت المغرب، كما أرشدنا إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين في أحاديثه أن دعوة الصائم حتى يفطر ودعوته عند فطره لا ترد.
وكان عبد الله إذا أفطر يقول: ” اللهم إنى أسألك برحمتك التى وسعت كل شئ أن تغفر لى ” وثبت أنه صلى الله عليه وسلـم كان يقول ” ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى”.
وروى أنه صـلى الله عـليه وسـلم كان يقول ” اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت”.
5- السواك: لحديث عامر بن ربيعة رضى الله عنه قال: ” رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصى يتسوك وهو صائم” رواه أحمد وأبو داود والترمذى ولا فرق بين أن يتسوك الصائم أول النهار وآخره..
6- الجود ومدارسة القرآن الكريم، فهما مستحبان في كل وقت، ولكنهما آكد في شهر رمضان، شهر القرآن، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة: أى في الإسراع والعموم..
7- الاجتهاد في العبادة، وبخاصة في العشر الأواخر من رمضان، ومن العبادات التى تستحب وتتأكد في هــذا العشر الأخير الاعتكاف، وقد روى عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان منذ قدم المدينة