الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في عام 1926م نشر طه حسين – عليه من الله ما يستحق – كتابًا بعنوان «في الشعر الجاهلي»، أعلن فيه عن معتقدات فاسدة قبيحة، وأنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وطعن في القرآن وشكك في مصدر الوحي !! وإلى القارئ أمثلة من نصوص الكتاب:
قال طه حسين: «يجب حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى قوميتنا، وأن ننسى ديننا ! وكل ما يتصل به !! وأن ننسى ما يضاد هذه القومية، وما يضاد هذا الدين، يجب ألا نتقيد بشيء، ولا نذعن لشيء إلا مناهج البحث العلمي الصحيح، ذلك أنّا إذا لم ننس قوميتنا وديننا، وما يتصل بهما فسنضطر إلى المحاباة وإرضاء العواطف، وسنَغُلُّ عقولنا بما يلائم هذه القومية وهذا الدين، وهل فعل القدماء غير هذا ؟ وهل أفسد علم القدماء شيءٌ غير هذا؟»
أقول عن طه حسين وأنصاره: وهل بعد هذا الكفر كفر ؟!
ويقول طه حسين: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي !! فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها، ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعًا من الحيلة في إثبات الصلة بين العرب واليهود من جهة، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى»!!
أقول: وهذا كفر أشد من سابقه !!
ويقول طه حسين: «وإذن فليس هناك ما يمنع قريشًا من أن تقبل هذه الأسطورة التي تفيد أن الكعبة من تأسيس إسماعيل وإبراهيم، كما قبلت روما قبل ذلك، ولأسباب مشابهة أسطورة أخرى صنعها لها اليونان، تثبت أن روما متصلة بإنيياس بن بريام صاحب طروادة، أمر هذه القصة إذن واضح، فهي حديثة العهد، ظهرت قبيل الإسلام، واستغلها الإسلام لسبب ديني، وقبلتها مكة لسبب ديني وسياسي أيضًا»!!
ونظر لهذه الجرأة البالغة، والتطاول القبيح على الإسلام من رجل يزعم للناس زورًا وبهتانًا أنه ينتمي إليه، فقد ترتب على ظهور هذا الكتاب الآتي:
1- ثار علماء الأزهر ثورة عارمة، وأرسلت مؤسساته ومعاهده المختلفة برقيات للحكومة يطالبون بطرد طه حسين من الجامعة.
2- قام أعضاء مجلس الشعب (المجلس النيابي وقتها) باستجواب وزير المعارف، مطالبين بتحديد المسئولية عن إفساد شباب الجامعة!! وضرورة محاكمة المؤلف، ومعاقبة المسئولين عن توظيفه في الجامعة!!
3- قام العلماء بتأليف الكتب في الرد على هذه الافتراءات وتفنيدها، وقد بلغ عدد هذه الكتب سبعة:
أ- ألف شيخ الأزهر محمد الخضر حسين كتابًا في الرد على طه حسين، بلغ عدد صفحاته قريبًا من أربعمائة صفحة !!
ب- كتاب للشيخ مصطفى صادق الرفعي «تحت راية القرآن».
جـ- كتاب لمحمد فريد وجدي «نقد كتاب الشعر العربي».
د- كتاب لمحمد أحمد الغمراوي «النقد التحليلي لكتاب في الأدب الجاهلي».
هـ- كتاب لمحمد لطفي جمعة «الشهاب الراصد».
و- محاضرات في بيان الأخطاء العلمية للشيخ محمد الخضري.
ز- نقض مطاعن في القرآن الكريم للشيخ محمد أحمد عرفة.
وقد كرر طه حسين طعنه في الإسلام وتشكيكه في ثوابت الشريعة؛ فهاجم القرآن والسنة، واحتقر علماء الأمة، وأنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأظهر ارتداده عن الإسلام، ومع ذلك وجد في المنتسبين للإسلام حتى يومنا هذا من يسميه: عميد الأدب العربي !! بل هو عديم الأدب العربي !! وعميل الأدب الفرنسي الذي تربى عليه، وشرب منه حتى أثمل !!
ثم تابعت وزارة الثقافة الحالية رسالة طه حسين في هدم الإسلام والحرب على الشريعة الإسلامية، وأصدرت في سبيل ذلك مئات الكتب التي تهدف في أغلبها إلى إطفاء نور الله، وهدم الإيمان وتدمير الأخلاق، وإخراج جيل يحمل الثقافة الغربية الدخيلة، ويكفر بكل القيم والتقاليد الإسلامية، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف القبيح قررت الهيئة إصدار سلسلة الألف كتاب !! نكتفي بذكر فقرات من أحد هذه الإصدارات، وهو كتاب «رحلات ماركو بولو»، وقد جاء في الكتاب ما يلي:
ص64: «والسكان المسلمين قوم اتصفوا بالخيانة والغدر والتجرد من المبادئ، وهم يعتقدون أن ملتهم ترى أن كل ما سرق أو نهب من أبناء الديانات الأخرى فهو أخذ حلال وهذه المبادئ شائعة في المسلمين جميعًا»!!
ص106: «ويدين سكانها بالإسلام ؛ وهم في الحقيقة جنس جشع دنيء، ويأكلون الرديء، ويشربون الأردأ»!!
وقد اشتمل الكتاب – كغيره من الكتب التي طبعتها الهيئة – على إهانات وشتائم وسب وطعن وتشكيك في الإسلام ؛ وهذا هو الهدف الأكبر للهيئة المصرية العامة للكتاب.
وعندما عرض هذا الكتاب «رحلات ماركو بولو» على رئيس الهيئة بعد ترجمته لم يكلف أحدًا بمراجعة الكتاب قائلاً: «وهل يحتاج ماركو بولو إلى فاحص»؟!
وتتابعت كتب وزارة الثقافة الداعية إلى هدم الدين وتدمير الأخلاق، وكان آخر هذه الكتب اكتشافًا – مع كثرتها الهائلة – كتاب «وليمة لأعشاب البحر»، ومؤلفه شيوعي سوري ملحد قد امتلأ قلبه حقدًا على الإسلام، فأخذ يطعن في الإسلام طعنًا شديدًا بقدر ما في قلبه من الكفر والإلحاد والكراهية والحقد، فجاء كتابه جامعًا بين التحريف والتخريف والتزوير والتشهير ! والحرية عنده تعني حرية الكفر، وحرية الجنس والفاحشة، وأصدق ما يقال فيه أنه كتاب إباحية وإلحاد يكفر بكل حق وفضيلة، ويؤمن بكل باطل ورذيلة.
وأما حكم مؤلفه حيدر حيدر فهو كافر، ومن شك في كفره – بعد قراءة كتابه – فهو كافر مثله سواء بسواء ! ولن نستطيع في هذا المقال أن نتتبع ما جاء في كل الكتاب من عبارات الكفر والضلال لكثرتها ووفرتها (الكتاب 700 صفحة، ومدعم من وزارة الثقافة)، ولكننا نكتفي بالإشارة إلى بعض ما جاء فيه من ألفاظ الكفر الصريح التي لا تحتاج إلى تعليق ؛ لأنها لا تحتمل التأويل، ولا التخييل !
ص12 من الكتاب يصف مدينة جزائرية بأنها (كأي مدينة عربية كانت متوحشة، محكومة بالإرهاب والجوع والسمسرة والدين والحقد والجهل والقسوة والقتل)!!
ص16 يقول: (نحن الآن في المطهر، لسنا في مسجد الله أو كنيسته، هذه برارينا ونحن هنا آلهة هذه البراري)!!
ص25 يستهزئ بمكة المكرمة ؛ ويسخر منها !
ص27 يستهزئ بالأنبياء فيقول في وصف مدينة بونة (المدينة التي تحولت إلى مصيدة وسوق لأنبياء الشرق والتعريب القادمين من مطالع الشمس المحمدية)!!
ص38 يقول عن الله جل جلاله: (حيث لن يعرف لا الحزب ولا الرب متى ستشرق الشمس من جديد)!!
ص67 يقول: «البحر هو الله في قلبي» !
ص87 يجاهر بكفره فيقول: «أنا أرى في ماركس أو لينين محمدًا جديدًا ! محمد القرن العشرين ماركس أو لينين العربي… إلخ».
قاتل الله وزارة الثقافة، وهل هذه ثقافة ؟!
ص92 يصف النساء الجاهلات بأنهن أسيرات الجهل والأسرة الأبوية ومجتمع الذكورة والله وميراث القتل والوأد ؟
ويف البلاد المحتلة بأنها تحت عصور الظلمات والرجال والسلاسل وجراثيم الله المهيمنة والخصاء ؟!
ص114 يحرف آيات القرآن فيقول: «إنا خلقناكم فوق بعض درجات، ثم يصف كلام الله بأنه هواجس ووسوسات!! وليس بعد الكفر ذنب.
ص129 يقول: «في عصر الذرة والفضاء والعقل المتفجر يحكموننا بقوانين آلهة البدو، وتعاليم القرآن خراء»!!
ألم أقل لكم: من شك في كفره فهو كافر ؟!
ص137 يقول: «أريد أن أموت عاريًا تحت الشمس تأكل جثتي الصقور ووحوش البر، هذا أفضل وأهدأ لنفسي من صلوات الدجالين، وقبور المسلمين المظلمة»!!
وأقول: ونحن نسأل الله أن يميته شر ميتة وأن يجعله وأتباعه لمن خلفه آية وعبرة لمن يعتبر.
ص146 يقول: «كما يتجلى الجنس إلهًا إفريقيًّا مقدسًا يرمز لقوة الجسد والطاقة البكر في هذه القارة الحارة».
ص148 يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بارتكاب الفواحش – والعياذ بالله – يقول الزنديق: «لقد تزوج رسولنا المعظم من عشرين امرأة بين شرعية وخليلة ومتعة»!!
اللهم انتقم لرسولك وعبادك المؤمنين من هؤلاء الأفاكين.
وفي نفس الصفحة يقول: «والله تعالى قال في كتابه العزيز: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا»!! استهزاء بكلام الله وتحريفًا له، فهذا الكلام الذي ذكره لا يوجد في قرآن المسلمين، ولعله يكون في قرآن وزارة الثقافة التي وضعته لنفسها!!
ص149 يطعن في القدر فيصف شعور الندم بقدوم الإنسان إلى العالم خطأ.
ص168 يقول: «إنني ألعن أمي التي ولدتني على هذه الأرض»!! ويصف نفسه بأنه رجل ملعون فقد الأب والآلهة ولا يريد غفرانًا !
وأنا أقول: { رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [نوح: 26].
ص185: يدعو إلى الإباحة بين المقاتلين فيقول: «أنت لا تعرف عذوبة الجنس في لحظة الحرب، في لحظة الموت، عندما يموت المقاتل بعد استراحة هانئة مع امرأة لا يأسى على شيء ؛ لقد أخذ الجسد وأعطى ثم نام مرتاحًا»!!
أقول: لقد فاق هذا الزنديق اليهود في تدمير الأخلاق، وكَفَرَ بكل ما بعد الموت.
ص219: يقول لعشيقته ذات الأنف الكبير: لكن أنفك هذا سيعترض مستقبلنا ؛ فنقول له: هو من صنع ربي، لماذا تسخر منه ؟ فيقول لها الزنديق الملحد: لا بد أن ربك فنان فاشل إذن !!
ص234: تقول له عشيقته الأخرى: تخليك الآلهة بَلَحًا في زمن القطاف، وهي تهوي من السماء، وأنا أتلقاها في راحتي ! ثم تستطرد: أشعل لي لفافة !
ص257 يقول: داخل هذه الأمور التي خلقها الرب في الأزمنة الموغرة في القدم ثم نسيها فيما بعد لتراكم مشاغله التي لا تحد في بلاد العرب وحدها !!
أقول: قال تعالى: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } [مريم: 64]، وقال سبحانه: { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ } [ق: 38]، لكن هذا الزنديق يسب الله عدوًا بغير علم.
ص303 يقول: الارتباط برجل لا يعني الزواج، وأن الفتاة يمكن أن تحب أكثر من رجل!! أقول: وهذه إباحية ظاهرة، وهدم للأسرة وللمجتمع بكامله.
ص319 يقول مستهزئًا: إن لجسدك عليك حقًّا، صدق الله العظيم !! ويقصد بحق الجسد هنا قضاء الشهوة في الحرام !
ويقول الجزائري ربما كان الأول بين العرب من يعرف قيمة جسده ! معبوده الرياضة والخمرة والنساء والبحر!!
ص322 يجاهر بالزندقة، ويصرح بالكفر الذي لا كفر بعده، فيقول: المرأة التي سقطت سهوًا على شواطئ بونة، حيث نسيها الله بعد أن اختار لها زاوية ضيقة من زوايا الجحيم قائلاً لها: امكثي هناك ملعونة إلى أبد الآبدين.
فترد بصرخة شيطانية: في مؤخرتي الحياة الآخرة، وأنهارك العسلية، وينابيع الكوثر، هذه حياتي الأولى والأخيرة، وما تبقَّى خذه، سامحتك فيه، أعطه لعبادك الصالحين !!
أقول: من قرأ هذا الكلام ثم شك في كفر حيدر فهو كافر.
ص348 يقول: «وفي تلك الليلة تحدث عن تحطيم الأوثان التي أقامها الآباء والأجداد، وضرورة الانفصال عن الدين والله ! والأخلاق والتقاليد ! والأزمنة الموحلة والجنة والجحيم الخرافيين ! وطاعة أولي الأمر والوالدين ! والزواج المبارك بالشرع ! وسائر الأكاذيب والطقوس التي رسمتها دهور الكذب!!
أقول: وهذا الكلام كسابقه دليل قاطع على كفر قائله، وكفر من شك في كفره.
وإلى هنا أعتذر للقراء عن مواصلة عرض ما جاء في هذا الكتاب من كفر وزندقة؛ فإن ما ذكرناه يغني عما تركناه.
أما بعد: فيا وزارة الثقافة، إلى متى هذه الحرب على الإسلام ؟ وإلى متى هذه المحاولات اليائسة لإطفاء نور الله ؟
والناس يتساءلون: هل وزارة الثقافة مصرية ؟ أم أنها وزارة ثقافة يهودية مصرية مشتركة أفرزها التطبيع، والصلح مع اليهود ؟
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
رئيس التحرير